الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

بين الحقيقه والسراب

انت في الصفحة 42 من 68 صفحات

موقع أيام نيوز

ليس لها ذنب فأجابته باختصار 
حاضر نص ساعه وجاية 
وبالفعل اخذت حماما سريعا وارتدت ملابسها على عجالة وذهبت الى المطعم وجدته منتظرا لها والنيران تشتعل من وجهه تدل على غضبه الشديد
وصلت الى مكانه وألقت السلام بحدة 
اما هو فور ان رآها أمامه تبدلت معالم الڠضب الشديد البادية علي وجهه الى معالم الحب والۏحشة الشديدة في نفس اللحظة كيف ذلك هو لا يفهم !
مرددا سلامها قائلا بابتسامة محب عاشق لحبيب يتمنى لقياه 
وعليكم السلام ورحمة الله هلا وغلا فيكي ياحبيبة الروح والقلب 
اهتزت وتيرتها من حديثه وأردفت وهي تتهرب من عيناه قائلة بلوم
من امتي كنت همجي كدة يارحيم !
مش متعودة منك علي كدة 
تبدلت معالم وجهه وعادت إلى ڠضبها مرددا باستنكار
ومن امتي وإنتي بتاخدي قرار مصيري في حياتك من غير ما نتناقش فيه وتعرفي رأيي ونتحاور مع بعض ونوصل لحل مناسب لينا احنا الاتنين
رفعت حاجبيها باستنكار قائلة
هو انا لسه اخدت القرار اصلا علشان خاطر تقول لي لو ما جيتيش هكسر عليكي الباب !
انت مش متخيل اصلا ان انت لو عملت كده والدتك هتشوفني ازاي اكتر ما هي شايفاني!
حرك راسه يمينا ويسارا پغضب وتحدث مقاطعا حديثها
لو سمحتي سيبك من الموضوع ده دلوقتي وردي علي حالا انت حقيقي هتوافقي على عرض بابا ومش هتقبلي وظيفة معيدة في الجامعة وانتي طالعة الأولى 
نظرت له بعيون تخفي ضعف يستكين بداخلها وقلب يخفق ألما وعشقا معا ورددت بتوضيح
هجاوبك بكل اللي انا فكرت فيه انا بعتبر عمي جميل في منزله والدي بالظبط اللي لو كان موجود وعايش كنت طبعا هاخد رايه 
لما فكرت لقيت ان كلامه صح جدا إني لازم أوازن بين الاحتياج المادي والمعنوي وانا محتاجه ان يبقى ليا مكان اعيش فيه خاص بيا وابني مستقبلي وبرده مش هستسلم وهقدم في الماجستير وباذن الله ووراه الدكتوراه على طول 
واسترسلت وهي تنظر له بتمني
ارجوك فكر زي ما انا وهو بنفكر بالظبط وانت هتلاقي ان انسب حل ليا علشان خاطر طنط فريدة ما
تفكرش اني بعارضها او اني بعند معاها مش هتلاقي حل غير اني أبعد فعلا وتعرف ان انا مش طمعانة فيك 
وكمان أحس ان ليا
كيان وكينونة بمعني أصح أحس إني ليا وجود يارحيم 
نظر لها بحزن وهتف باحتياج
بس أنا محتاج وجودك جمبي ومش قادر أتصور انك تبقي في مكان بعيد عني 
باختصار اتعودت علي وجود ريحتك في نفس المكان إللي أنا موجود فيه حتي لو مش شايفك كفاية نفسك فيه 
زفرت بتعب وأوضحت له وجهة نظرها 
متفكرش إني لما أبعد هبقي مرتاحة يارحيم 
أنا زيك بالظبط ويمكن أكتر وأظن وضحت لك السبب قبل كدة 
وتابعت بشجن
أنا محتاجة أثبت لنفسي أولا وللمجتمع إللي جني عليا ثانيا إن بنت الملجأ عافرت واجتهدت وكملت لآخر نفس فيها بدون ماتغضب

ربها إنها تبقي حاجة ومش هرضي بأي حاجة لازم أكمل للأخر علشان أوصل لأني أبقي أبقي حاجة متخجلش منها أبدا في يوم من الأيام 
ضيق نظرة عينيه ثم رمقها بنبرة هادئة 
بس أنا هتعب أووي يامريم أرجوكي ثقي فيا إني مش هتخلي عنك وسيبي لي أنا المعافرة أنا أطول منك في النفس 
نظرت بعيد عن عينيه تحاول كبت عبراتها لكنها إستعادت قواها وأخفت كل مشاعرها التي تملكت منها كلماته بكل قوة وأردفت بتمني
أرجوك يارحيم أنا مش عايزه أخسرك إنت تعافر من مكانك وأنا أثبت نفسي في مكاني وصدقني هنتقابل بإذن الله وظروفنا محدش هيقدر يمنعها ومحدش هيقدر يفرق بينا لأن الأسباب ساعتها هتكون بطلت أو علي الأقل اتحسنت شوية 
بعد حديث طويل ونقاش دام لأكثر من ساعتين وافق رحيم علي رأيها وهو علي مضض ولكن أخذ وعد منها أن تحادثه دوما وأن ترد على مكالماته وإلا سيجن جنونه ويفعل ما لا يحمد عقباه 
بعد يومان أبلغت مريم جميل بالموافقة علي طلبه وغادرت منزلهم واستلمت شقتها ذو الإيجار البسيط في منطقة شعبية هادئة قد وفرتها لها شريفة مديرة الدار وساعدتها في ذلك وشكرتها مريم بامتنان ومنذ خروجها ورحيم يشعر بالاختناق الشديد والاكتئاب الذي بدا علي معالمه بغزارة شديدة لاحظها كل من جميل وفريدة وبدأت تشعر بالذنب إلا أنها تقنع حالها بأنها فتره ستمضي وسيتعود علي بعادها كما تعود علي حضورها ولكن هل سيكن اعتقادها صحيحا وأن مايشعر به
رحيم هو تعود فلنري مالذي تخبأه له الأيام من ندبات تؤثر علي روحه 
انقضت الليالي العجاف بالنسبة لريم والآن تجلس في حديقة منزل أبيها فلقد مر ستة أشهر كاملة علي المحاكمة 
كانت بيدها مذكرات كانت تدون فيها كل مايجول بخاطرها منذ ۏفاة عزيزها 
فكتبت بقلب ينفطر حزنا
الآن مر علي وفاتك عاما كاملا ذقت فيهم من المرار ألوان لقد كنت لي حبيبا عزيزا قرير العين وتركتني وحدي أعاني مر الفراق وأنا أجلد ذاتي في يومي كله حتي في غفوتي أراك ڠضبان مني أشعر بأني في ساحة معركة الفراق بالاختناق أقاتل في ساحة المعركة وحدي أنا الجيش لنفسي وأنا السيف ذاته أذاني أقرب الناس إليك وكانوا يوما من الأيام الأقرباء إلي أيضا وتعلمت منهم درسا لن أنساه طيلة حياتي وهو
لا تأخذ جرعة كبيرة من الثقة إترك مكانا للخيبة ومكانا لإستيعابها أيضا كن معتدلا 
كانت منغمسة في تدوينها فسمعت صوت أبيها الحنون الذي يقف بجانبها دائما يردد بحنو 
الجميل اللي قاعد لوحده وشكله قلقان ومخليني مش مرتاح عشان خاطره بيعمل ايه 
أنهي كلماته وهو يمسح على راسها بحنان ثم جلس بجانبها
تنهدت بثقل والم نفسي واجابته
مش مرتاحه يا بابا وحاسه اني مش قادره اتخطى مۏته هو انا هفضل كده كتير
وضع كف يداه علي كف يدها الموضوعه فوق فخذها ثم ربت عليها بحنو وأردف قائلا 
طول ما إنتي حابسه نفسك بين حيطان البيت وسط دوامه الفكر إللي مبنتهيش هتفضلي كده على طول ده إنتي حتي الموبايل مبتفتحيهوش 
نظرت اليه بعينين حائرتين فأكمل هو بارشاد
اخرجي يا بنتي واشتغلي واشغلي وقتك بحاجه مفيده إنتي محتاجه لكده مش عشان خاطر الفلوس ولا عشان خاطر الاحتياج للماده ذات نفسها انما إنتي عندك موهبة جميلة وقدرتي تصنعي لنفسك كيان في مكان بسمع عنه انه ممتاز جدا وله اسم 
انتفضت كمان لدغها عقرب من حديث والدها وهتفت برفض قاطع
لا يا بابا انا عمري ما هرجع اشتغل في التصميم تاني ده كان السبب اني خلاني
خسړت جوزي ابو ولادي ودمرني ودمر حياتي كلها 
اعترض على كلامها بشدة وهدر بها 
ده كلام تقوليه ! هتعملي زي الجاهلين كون انكم كنتم بتتناقشوا في حاجه هو رافضها وإنتي كنت عايزاها وكون ان هو ماټ ده قدره والاتنين ما لهمش علاقه ببعض نهائي وسواء كنتوا اټخانقتوا او ما اتخانقتوش كان برده عمره هينتهي في اللحظه دي يا بنتي 
حركت راسها بنفي ودموعها تنهمر بغزاره من عينيها واردفت من بين شهقاتها بنفي
انا عارفه كلام حضرتك يا
بابا وفاهماه كويس جدا لكن المره دي كان بيبص لي باستغراب وما كانش مصدق ان انا أعارضه ولما خيرني ما بين الشغل واني افضل معاه خذلته ما استحملش الخذلان مني ونفسيته اتأثرت وماټ 
ضړب والدها كفا بكف وهو يردد باندهاش
لا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم 
يا بنتي الأعمار بيد الله وكل واحد من قبل ما يتولد بيبقى عمره على الدنيا مكتوب ايا كانت المۏتة تعددت الأسباب والمۏت واحد 
ثم اخذها بين ه يهددها بحنان وتابع 
فوقي لنفسك وفوقي لولادك هما محتاجينك مش هيبقى غياب ابوهم وضياعك في دوامه الحزن وكده انت يعتبر من القانطين من رحمه الله
واذا كنتي إنتي مصرة تشيلي نفسك الذنب استغفريه واذكريه الذكر بيطمن القلوب وتصدقي واعملي كل اللي في وسعك وفي كل مره هتعملي كده صدقيني هتلاقي نفسك بتخرجي من الدوامه دي واحده واحده وهتبقي بني ادمه طبيعيه جدا وهتحتسبي عند الله من الصابرين 
احست بطيف من الأمل يلوح على صدرها وكأن كلامي والدها نزل بردا وسلاما على قلبها وسألته بتيهة كي تطمئن
يعني انت شايف يا بابا ان فعلا ارجع اشتغل واصمم واحقق حلمي اللي عشت عمري كله اتمناه واحلم بيه وابقى كده ما زعلتش مني باهر في تربته 
ابتسم لها ثم أجابها بتاكيد
يا بنتي جوزك بقى بين ايادي الله هو ارحم بيه من عباده وما تزعليش مني الدنيا منفاته وما بتقفش على حد لازم تتعودي تقوي حالك بحالك علشان وقت الجد ما توقعيش من طولك ويكون اللي بيسندوكي كلهم وكنتي معتمده عليهم مبقوش موجودين 
واسترسل وهو يشير بيده إلي ملابسها باعتراض
وبعدين انا عايزك بقى تقلعي الاسود ده مده حدادك على جوزك اربعه اشهر و 10 ايام واكتر من كده يبقى إنتي ډخلتي في الحرمانية وعملتي زي الناس الجاهلين انتي ما تعرفيش حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل لمسلم ان يحد على مېت فوق ثلاث ليالي الا على امراه لزوجها اربعة اشهر وعشرا
سيدنا النبي عليه الصلاه والسلام حدد المدة كما ذكرت في القران وقال لا يحل يعني إنتي كده ډخلتي في منطقة الحرمانية من بقالك اربع شهور ومستنيكي تقلعيه منك لنفسك وترضي بحكم ربنا وقضاء وقدره وانتي مكمله زي ما
انتي 
كالعاده استنكرت نصح والدها واردفت بامتناع
لا يا بابا انا عمري ما هقلع الاسود على باهر خلاص ده بقى لبسي لحد ما اموت 
اتسع بؤبؤ عينيه مرددا برفض 
يا بنتي هو إنتي دماغك ناشفه كده ليه إنتي ما سمعتيش حديث الشيخ الشعراوي اللي كان بيتكلم في الموضوع ده بالتحديد وفي كلامه قال سنكر علي باب الحزن بمسمار الرضا اصل الحزن لو انسكر عليك مش هيخلي لك حبيب ربنا يبارك في عمرك وعمر ولادك وعايزك من دلوقتي تقومي تفتحي تليفونك وتشوفي شغلك اللي اكيد متعطل وتضمي ولادك وتخلي بالك من نفسك ومن صحتك واعتبري اللي فات من حياتك ذكرى جميله ما تنسيهاش طول العمر وده حال الدنيا يا بنتي 
انه الأب حديثه للروح طبيب وانفاسه للقلب دواء ووجهه بابتسامته للعمر اهداء 
فالأب مثله كمثل النهر يمر بجانب شجرة يحييها يطعمها يسقيها الماء يستمر في الرقص فهو لا يتشبث بالشجرة تسمح الشجرة بزهورها على النهر بامتنان عميق والنهر يمضي قدما تأتي الرياح ترقص حول الشجرة وتمضي قدما والشجرة تعير عطرها للريح فإذا كبرت الإنسانية ونضجت فستكون هذه هي الطريقة للحب
بعد مرور يومان علي تلك الأحداث قررت ريم أن تخرج من صومعة الحزن وتستعين علي الذكر والاستغفار لراحة قلبها 
ثم فتحت هاتفها التي كانت تستخدمه للعمل والتصميم فريم
كانت تمتلك هاتفان أحدهم خاص بعملها وتصميماتها والآخر كان للتصفح فقط 
وعندما فتحته وجدت كما هائلا من الرسائل الخاصه بالمؤسسة التي تعمل معها وبدأت بتصفحهم والرد علي أغلبهم 
ومن ضمن الرسائل وجدت واحدة منهم
41  42  43 

انت في الصفحة 42 من 68 صفحات