بين الحقيقه والسراب
ڠضب
لوت فمها بامتعاض وقالت
معلش بقي اتحمليها شويه كمان قدرك ونصيبك بس افضلي زني علي ودان رحيم إنتي عارفة الزن أمر من السحر
تنهدت فريدة بضيق وهتفت باستفسار
أمال سما ومهاب فين مش سامعة لهم حس
أجابتها
سما بتذاكر في أوضتها من بدري وقافلة علي نفسها ومهاب بيذاكر مع واحد صاحبه
تحدثت إليها فريدة باستنكار
نظرت في الساعة المعلقة على الحائط ونطقت بهدوء
عادي ياماما مش متأخر بردو وبعدين مهاب كبر ومبقاش صغير إني أخاف عليه وأقفل عليه عايزة أدي له مساحة من الحرية شوية
اندهشت والدتها من حديثها ورددت باستنكار
ازاي الكلام ده لازم تعرفي ان ابنك دخل مرحلة الشباب ولازم تخلي بالك منه
انت كنتي محوطاه ومخليه بالك منه على الاخر لازم ترجعي تتعاملي معاهم زي ما كنت قبل كده وتخرجي من اللي انت فيه ده بقى وتفوقي قبل ولادك ما يضيعوا منك
لوت فمها بلا مبالاه وهي تلوح بكتفيها
انا مربيه ولادي كويس ما تاخديش في بالك يا ماما هما عمرهم ما يعملوا حاجه غلط
وتابعت وهي تسألها عن ريم
تنهدت فريده بحزن وأردفت بتمني
والله المحامي دي بابا جايبه من اكبر المحامين في اسكندريه انتي عارفه بابا له اصدقاء كتير ومعارف
ان شاء الله هو بيطمننا ان من حقها الولايه
بس حماتها الهي ينخفي اسمها وصورتها كاتبه في المحضر بتشكك في أخلاقها وافترت عليها بالجامد قوي
احتدت عينيها پغضب واجابتها
ربنا سبحانه وتعالى هيرد كده في نحرها وباذن الله هيبرأ بنتي من التهم البشعه اللي مسجلاها عليها وحسبي الله ونعم الوكيل فيها وفي ابنها
وظلا يتحدثان في عده اشياء تخص الجميع
عسيرا على تسرعه في الزواج من تلك الجوليا ولم يسمع نصيحه والدته ورماها عرض الحائط
تململت في تختها تمد يدها تبحث عنه وما ان وصلت يداها ناحيه صدره ابتعد كمن لدغه عقرب
اندهشت من حركته وقالت
ليه ياحبيبي كده معاملتك متغيره معايا من امبارح وسبتني وخرجت من غير ما تعرفني أنا عملت إيه وقعدت مستنياك كتييير ورجعت متأخر
معقول في واحد يسيب مراته يوم صباحيتها زي مابتقولو كدة في مصر
رأي انه لا مفر من الهروب ولابد من المواجهه بما يؤرق صدره وسالها بنبرة اتهام
انا اللي اعرفه عنك انك اتربيتي مايقرب من نص عمرك في مصر وبعدين سافرتي بره كان عندك حوالي 12 سنه ده غير انك مسلمه طبعا ممكن اعرف ايه اللي غيرك وخلاكي نسيتي دينك واتطبعتي بطبع الغرب ووصلتي للدرجه دي
الى الان لم تفهم ما يقصده وسألته متعجبه
oh my God
ما تقول على طول يا مالك انا عملت ايه انا مش فاهمه حاجه خالص
بعينين قاتمتين نظر إليها وأجاب
اظن انك قلتي لي انك ما اتجوزتيش
قبل كده وانا
اول واحد يعقد عليك عقد جواز
اشارت براسها بالموافقه واكمل هو بحدة
ممكن اعرف ايه اللي انا حسيته امبارح ده انك مش بنت يا هانم وتقريبا دي مش اول علاقه ليكي !
انا بجد اڼصدمت صډمه عمري
اهتز فكها بابتسامه جانبيه وهتفت
Exactly what is the problem?
انت عارف انا عشت سنين عمري ما بين ايطاليا وامريكا والحاجات دي عاديه هناك انت معقوله من اللي بيفكروا كده !
اعتدل بوقفته وانتصب وهو ينظر داخل عيناها مرددا بهجوم
بيفكروا كده!
انا متعرف عليك فين بقى لي اكتر من اربع شهور ما لمستش ايدك حتى ما اخدتيش بالك من نقطه زي دي !
وتابع بنفس الھجوم
واشترطت عليكي انك هتلبسي الحجاب وافقتي ممكن اعرف وافقتي بناء على ايه وانت اصلا ما طلعتيش زي ما كان في بالي وكنت مفكر ان انا اول راجل في حياتك
رفعت احدي حاجبيها متعجبة
هو حياتي اللي فاتت من حقك تحاسبني عليها اصلا او تتدخل فيها
هو انا كنت حاسبتك على ماضيك اللي عشته
قبلي علشان تحاكمني
تحمحم كي ينظف حنجرته وتحدث بملامح جادة لملامح وجه مكفهرة ارتسمت رغما عنه
هو الماضي بتاعك اصلا ازاي ما حاسبكيش عليه وهو شيء متعلق بعقيدتي وايماني مش مجرد تفاهات هعديها
اهتزت قدميها برفض لحديثه وتحدثت بنبره اعتراضيه
بس كده حرام وظلم انك تحكم عليا بمجرد علاقه حصلت قبل كده مرتين او ثلاثه وكانت بمحض المجتمع وعاداته اللي انا كنت عايشه فيه وبابي طبعا كان مديني الحريه الكامله في شخصيتي
وتابعت بتهكم
ممكن اعرف بقى ايه اللي هيضايقك في علاقتنا من ناحيه الموضوع ده احنا بدانا مع بعض صفحه جديده وليك انك تحاسبني من بدايتها وما تقلبش في دفاترك القديمه عشان مش هتفيد بحاجه بل بالعكس هتضرنا احنا الاتنين ومش هنبقى مستريحين
اربع ساعديه وأولاها ظهره مرددا بحزن
للاسف انا مش من النوع اللي اقدر انسى حاجه زي دي انا راجل شرقي جدا وما اقبلش ان مراتي اللي اتجوزتها عملت علاقات قبل كده مع راجل قبلي في حدود غير شرعية
ذهبت ووقفت قبالته وتحدثت باستفسار
طيب ممكن اعرف ايه الحل دلوقتي لمشكلتنا دي
ضيق نظرة عينيه ثم رمقها بنبرة هادئة
مفيش غير حل واحد ياجوليا انتي طالق
اتسع بؤبؤ عينيها وابتلعت لسانها من أثر الصدمة ولم تعد قادره علي التفوه
فقط تنظر له نظرات مختلفة من الخذلان والعتاب واللوم ودموع عينيها تنهمر بغزارة وحړقة قلب ټعذب في عشقه سنوات
عندما رأي حالتها احتضن كتفيها وتحدث شارحا بنبرة حنونة
عايزك تعرفي ان العيب مش فيك انت للاسف المجتمع اللي انت اتربيتي فيه هو اللي وصلك للدرجه دي
العيب في انا ان في كل مره هبص جوه عينيكي هشوف الحاجه اللي عمري ما اقبلها وهيبقى في حاجز كبير قوي ما بيني وما بينك وبكده هظلمك وانا مش عايزه اظلمك معايا يا جوليا
وتابع حديثه بحزن
انا مش هقدر اقبل حاجه زي دي لو كنتي صارحتيني بيها من الاول كنت على طول انسحبت وفضلنا اصدقاء وبنا شغل وخلاص
علت شهقاتها ومن بينها هتفت بأمل
طب ما انت كنت متجوز قبل كده اعتبرني كنت متجوزه وصدقني عمري ما هعمل حاجه تضايقك وكل حاجه كنت بتقول لي عليها بتضايقك ما كنتش بكررها ارجوك يا مالك اتراجع عن قرارك انا ما اقدرش اعيش من غيرك
ما أن انهت كلماتها التي أنهكت قواها فألتقطت أنفاسها بصعوبهرمقها بدون أي تعبير نظرا لأنه عالم بطباع نفسه جيدا أنه لن يقدر
وأجابها بهدوء
للأسف الشديد مش هقدر هظلمك معايا وهظلم نفسي وخلي بالك اننا نتواصل مع بعض كاصدقاء وتفضل علاقتنا محاوطها الاحترام ولا اننا نعيش في مكان واحد وعلاقتنا هتفتقد الثقه والامانه واللي معاهم هياخدوا
الاحترام
واسترسل وهو ينظر إلي المكان
انا هسيب لك الجناح وهاخد حاجتي وهنقل جناح تاني مش هبلغ حد بطلاقنا الا بعد شهرين على الاقل وما تقلقيش هقول ان دي رغبتك انتي لأنك ما قدرتيش تتاقلمي على طباعي
جوليا تعشقه وتحبه پجنون ومن يعيش العشق الحقيقي لن يكره ولن ينتقم فتنهدت بحزن وتحدثت باقتضاب
تمام يا مالك اللي تشوفه وطالما ده اختيارك وتصميمك انا ما اقدرش اعيش معاك ڠصب
عنك
هتف لها بنظرات حزينه
أرجوكي متزعليش مني يمكن أنا فكري معيوب في وجهة نظرك بس أنا بحب الصراحة والوضوح جدا ومحبش أعيش بوشين ارجوكي سامحيني
نظرت له نظرة مطولة وفجأة باغتته باحتضان وتمسكت برقبته وهي تردد بدموع
سامحتك ياحبيبي ومقدرش غير إني أسامح
اهتز جسده وأحس أنه ظلمها ولكن رحم الله امرئ عرف قدر نفسه
أبعدها عن ه بهدوء ونظر لها مبتسما ثم حمل حقيبته التي جهزها ليلا وترك لها المكان بأكمله وخرج بقلب خاسر في معركة جديدة من حياته
أما هي خارت قواها واڼهارت بكاءا فهي لم تتهني بقربه ولا أن تتنعم في ه ولا أن تمتلكه ولو ليلة وتحطمت أمالها وظلت تبكي سويعات إلي أن غفت مكانها
أما هو ذهب إلي غرفة منفصلة له وحده وضع فيها حقيبته وكالعادة ذهب إلي البحر كي يلقي مايؤرج صدره إليه ويشكو له ندبة جديدة من ندوب قلبه
جلس ينظر أمامه وكأنه ينظر في اللاشئ مهموما حزينا شاردا كعادته وكأن الدنيا حرمت عليه الاستقرار
كان قلبه يحثه أن يسامح ويتخطي وعقله ينهاه أن لايفعل ويبتعد فهو أدري به من قلبه لن يستطيع وحدث حاله ناطقا بۏجع
أما يادنيا أستحق أن أحيا سويا ويستقر طريقي المؤلم !
أما يازمان تهديني الأمان الذي أتمناه ولو قليلا وتمنحني ونيسا يسعى لقربي ملهم !
فأنا الحائر الشريد الضائع المتمني لشريك يحتضن قلبي المعذب في ظلامه القاتم
وتذكر المقولة التي أيدت قراره بشدة
عندما تركب القطار الخطأ حاول أن تنزل في أول محطة فكلما زادت المسافة زادت تكلفة العودة
انقضت الأيام علي أبطالنا مايقرب من أسبوعين أنهت فيهم مريم اختبارتها التي أفقدتها من وزنها كثيرا بسبب تركيزها الشديد في
المذاكرة وأن لديها حلم لابد أن تصل إليه
وإيهاب غادر مصر وعاد إلى الكويت كي يكمل الستة أشهر المتبقية في عقد عمله ولن يرمي اليمين علي راندا تاركها تستشيط ڠضبا من عدم تطليقه لها مما أثار حفيظتها
ومهاب وسما انخرطا في طريق الضياع وعلي مشارف فقدان الحياة السوية التي عاشت والدتهم طيلة حياتها تبنيها فيهم وهي منخرطة في ۏجعها الذي يبني جسورا من الغل في قلبها ولم تعد ترعى أبنائها كذي قبل
ورحيم ومريم فقط يمنحان بعضهم نظرات من بعيد لكي يطمئن كل منهما على الأخر وأنه بخير
ومالك عاد إلي مصنعه وعمله ينغرس فيهم بشدة كي ينسي تجربته الأخيرة وجوليا غادرت مصر ولم تعد تتحمل البقاء فيها دونه وأبلغ والدته فقط بانفصالهما دون الإفصاح عن السبب بعد أسبوعين من الانفصال مما أسعدها كثيرا وطمأن قلبها
واليوم تجلس ريم تمسك في يدها كتاب الله تقرأه بتدبر
أنهت قرائتها ونظرت إلى السماء داعية
اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين ! أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري إن لم يكن بك علي ڠضب فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك أو يحل علي سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك
أنهت دعائها وقامت من مكانها وارتدت ملابسها السوداء فهي رغم انتهاء عدتها منذ شهر إلا أنها مازالت في حدادها علي عزيزها الراحل
وحملت حقيبتها وهبطت الأدراج بثقل
وجدت والدها ينتظرها بالأسفل ينظر لها بابتسامة مشرقة مرددا
متقلقيش ياحبيبتي ولازم تعرفي أيا كان حكم المحكمة إن ربنا سبحانه وتعالى كل أقداره خير