السبت 23 نوفمبر 2024

جبل العامري بقلم ندي حسن

انت في الصفحة 15 من 51 صفحات

موقع أيام نيوز


ندبة تركها عنوة على جسدها تمثل في هيئة حيوان مفترس اغتال ما بقي من شقيقه واستحله بالقوة والعڼف فقط ليشبع غرائزه الحيوانية وليرها أنه جبل العامري المتحكم الوحيد في كل شيء على هذه الجزيرة حتى هي وإن كانت صعبة الترويض 
يتبع
رواية سجينة جبل العامري
للكاتبة ندا حسن
سجينة جبل العامري
الفصل الثامن
ندا حسن

آن القلب پألم وكسرة بعد أن أرغم على الموافقة بالزواج من ذئب صړخ بعنفوان وشراسة مكبوتة يحاول الرفض 
دب خنجر في قلبها في المرة الأولى عندما كسرها وكسر كبريائها جاعلها ترضخ لطلباته بعد تهديداته وأفعاله
سماء الليل السوداء ونسمات الهواء الباردة شهدت على كل دمعة خرجت قهرا من عينيها السوداء بعد أن استجمعت شتات نفسها 
شعور بالكراهية والغل يملأ قلبها النقي تجاهه فما فعله بها لم تتعرض له طوال حياتها
كان زوجها الراحل رجل حنون قادر على اسعادها ولم يقم بفعل شيء كهذا من قبل كانت الرقة والهدوء عنوان لكل لسماته 
فتات حزين يبكي داخلها على ما مرت به يتلألأ الأسى داخل أضلعها مما رأته معه تفكر بلوعة في القادم على حياتها معه 
لقد فعل أبشع شيء بها على الإطلاق في أولى لحظاتهم سويا فقط ليثبت لها أنه يستطيع فعل كل شيء وأي شيء وقد نمى الحقد والغل داخلها أكثر وأكثر واشتدت ضراوة مقتها له وبقي عقلها الخائڼ الذي تخلى عنها سابقا يأتي إليها بوفرة من الأفكار للتخلص منه 
انسابت دمعاتها على وجنتيها بغزارة دون صوت وبصمت تام وهي تنظر أمامها ترى خارج أسوار القصر من شرفة غرفته وكم بدا المظهر مغري لهربها منه حتى وهي زوجته ولكن كيف السبيل
دلفت إلى الغرفة وأغلقت الشرفة خلفها انقضت معظم ساعات الليل وهي تجلس بالخارج
تبتعد عن نظراته ورائحته الكريهة كانت تود لو تخرج من غرفته نهائيا ولكنها خاڤت من أن تراها شقيقتها وتبدأ أسألتها الذي لا توجد لها إجابة عندها فبقيت في الداخل تحاول تفادي التعامل معه حتى ولو بالنظرات
فهي لا تطيق حتى التفكير به فقد تغلب على كل فكرة أخذتها عنه وأظهر لها مدى بشاعته وإجرامه وتوصل إلى مرحلة لا تستطيع أن تتخيله بها 
وقفت أمام الفراش الخاص به تنظر إليه وهو نائم يغمض عينيه يرتاح على ظهره ويده الاثنين الأسفل رأسه على الوسادة 
تابعته بنظرات عينيها الشريرة وودت لو مدت يدها الاثنين على عنقه وقامت پخنقه إلى أن تزهق روحه ولكنه سيكون أقوى منها ويستيقظ ينقذ
نفسه من بين يديها 
تحولت نظرات عينيها للكره الشديد والبغض الذي لو تركته سيغرق حياته بالكامل 
استدارت تنظر إلى الطاولة الموضوع عليها طبق كبير يحمل أصناف مختلفة من ثمار الفاكهة وسکين حاد كبير يتناسب مع أسلحة هذه العائلة 
حركت عينيها أكثر من مرة إلى جبل النائم والسکين الموضوع على الطاولة عينيها كانت ملئية بالشړ وقلبها يدق پعنف يكاد يخرج من أضلعة لهفة غريبة لما هي مقدمة عليه بينما عقلها كان يحسها على الإمساك بالسکين ودبها في منتصف
قلبه أو تقطع بها نحره أو في منتصف بطنه 
ذكرياته السيئة جميعها منذ أن أتت إلى الجزيرة مرت على عقلها بداية من وقفته أمامها تهديده لها ضرباته الموجعة ارهابها وذلك التوجس الذي جعلها تشعر به خوفا على شقيقتها وابنتها
لقد شعرت بنظراته الخبيثة في ذلك اليوم الذي أتت به الشرطة إلى الجزيرة لقد رأت نظرته القڈرة إليها 
أقتربت من الطاولة ببطء وقد إتخذت القرار في لحظات مرت سريعا وعلمت ما الذي عليها فعله انخفضت بجسدها لتأخذ السکين من على الطاولة وقد كان تمسكت بها في يدها تنظر إليها بتشفي وفرحة لأنها ستنال منه حتى وإن كانت ترمي نفسها في التهلكة 
أقتربت منه بهدوء وعينيها لا تتحرك من على وجهه صعدت على الفراش والسکين بيدها جلست وقدميها أسفلها أمامه تنظر إليه بحدة وكره قد ظهر على كافة ملامحها 
أمسكت السکين بيدها الأخرى ثم رفعتها عاليا ونظراتها صوب عينيه وانخفضت بيدها والسکين بها على بطنه مباشرة ولكنها وجدت نفسها في لمح البصر تنام على ظهرها عكس امتداد الفراش 
لم تدري كيف أمسك بيدها وهي تهبط بها عليه وكيف دفعها للخلف تكون ممددة وهو ينظر إليها هكذا! لقد كان نائم وهي رأت ذلك كيف شعر بها وبما ستفعله
ينظر إليها يخيفها بعينيه الخضراء فابتلعت غصة حادة وقفت في جوفها وهي تنظر إليه ومازالت السکين بيدها وهو يتمسك بها 
تحدث بسخرية وتهكم
عايزة تقتليني
أجابته بحدة تأكد على حديثه پقهر وذل تعرضت له على يده عندما امتلكها عنوة
أيوة يا جبل ھقتلك موتك هيبقى على أيدي
سألها باستفهام ساخرا من تفكيرها يعيد رشدها إليها بجعلها تتذكر ابنتها الصغيرة وشقيقتها التي لا تستطيع التصرف بشيء
طب مفكرتيش مين هيربي بنتك لما تعملي كده أصل أختك العيله دي متعرفش تاخد بالها منها ولا حتى من نفسها
نظرت إليه بعينين متحيرة بالفعل فلم تفكر في أي أحد قط وهي تقدم على قټله فقط فكرت بالاڼتقام منه وجعله يشعر بكل وغزة دلفت قلبها بسببه 
تابع النظر إليها وفهم تعبيرات ملامحها فأكمل يتهكم عليها شامتا بها
ف قوليلي بقى لما تقتليني وأنا أموت وأنتي تدخلي السچن مين يربي بنتك معقول بعد كل اللي عملتيه ده علشان تخرجوا من هنا وفي الآخر تتربى في الجزيرة لأ والله عيب
نظرت إلى عينيه مباشرة دون خوف وتحدثت بعنفوان وشراسة تعلمه أنها ستكون المرأة التي هزت عرش الملك
عايزاك تعرف أني أنا هبقى الست اللي هزتك أنا اللي هغير حاجات كتير وأنا اللي هعصى أوامرك ومش هتعرف
تعملي حاجه
ابتسم يكمل على حديثها بعجرفة ولا مبالاة
ياه بمۏت في التحدي ده من زمان أوي مافيش حد وقف قصادي اينعم مش مقامي بس أحب اللعب مع القطط الشرسة
صاحت بوجهه بغل شديد وكراهية لا مثيل لها تعبر عنها بالكلمات ونظرات عينيها تحاكي أكثر من ذلك
أنا بكرهك ومازلت أقذر واحد شوفته في حياتي
صدحت ضحكاته بصوت عال في الغرفة وهو يستمع إلى حديثها فجعل غيظها يأكل قلبها وهو يشير إلى الفراش برأسه مبتسما يتحدث پشماتة
تحبي ناخد جولة كمان اثبتلك إني أقذر من كده
حاولت التحرر من قبضة يده والابتعاد عنه فصاحت قائلة
أبعد عني
سألها بسخرية وبرود
ايه مش عايزة تعرفي أنا قذر قد ايه الله!
صړخت بوجهه وهي تتحرك أسفله وتحاول جذب يدها منه پعنف
أبعد بقولك
أبتعد للخلف وهو وهو يجذب منها السکين يأخذها
طب هاتي دي ومتلعبيش بيها بعد كده
أبتعد عن الفراش ووضعها على الطاولة مع
ثمار الفاكهة كما كانت فاستمع إلى صوتها وهي تهتف ببغض
قذر
استدار ينظر إليها وملامح وجهه مكرمشة بسبب ضحكاته يقول بتشفي وبرود
عارف
استمرت ضحكاته وهو يبتعد عنها يدلف إلى المرحاض تاركا إياها تأكل من عقلها أفكار كيف استيقظ ورأى ما نوت فعله ولكن لحسن حظه هو لم ينم من الأساس بل مثل أنه خلد للنوم وظل يتابعها من أسفل جفونه المغلقة 
شعر بها تدلف إلى الغرفة ففتح عينيه ينظر إليها ورأها وهي تأخذ السکين وتتقدم ناحيته به لو لم يكن فعل ذلك لكان الآن مع المۏتى 
ابتسم وهو أسفل صنبور المياة التي تتدفق على رأسه هبوطا لجسده ويتذكر تلك اللحظات التي قضاها معها بالعڼف والقوة 
لقد شعر باشياء عدة
ماټت داخله منذ وقت كبير والآن أحيت من المۏت مرة أخرى لتعود إلى حياته ولا يعرف أهي ستأتي بالنفع أو الضرر 
تنهد بعمق وهو يتذكرها بين يده ليست سهلة بل سرشة ولكنه لم يترك لها الفرصة لتعترض على فعلته 
كان عليها أن ترى أنه هنا القادر على فعل كل شيء 
الآن هناك من سيفرغ بها رغباته وينال منها ما حرم منه كثيرا لقد كانت فكرة والدته صحيحه على الأقل يكن لها شيء من النفع في هذا البيت 
تلك الشرسة صعبة
الترويض 
بعد مرور أسبوعين
في أحد شوارع الجزيرة المتوارية وقفت إمرأة تدعى فتحية في الثلاثينات من عمرها خمرية البشرة ذات جسد ممتلئ قليلا بيدها طفل صغير ومعها والدتها يقفون أمام منزل صغير ېصرخون هم الاثنين بألفاظ بذيئة وبشعة 
وقع الحجاب من على رأسها ولم يكن محكم من الأساس وتركت الطفل من يدها تشير بيدها الاثنين بحركات شعبية غريبة تصرخ بعلو صوتها
تعالوا شوفوا يا ناس شوفوا يا أهل الجزيرة حماتي مش عايزة تفتحلي الباب
الشارع بطوله يقف به نساء ورجال في شرف منازلهم يتابعون ڤضيحة هذه السيدة ووالدتها فهي هكذا كل يوم والآخر ټتشاجر مع حماتها وتسبها بأفظع الألفاظ 
صاحت والدتها بصوت عال هي الآخر تساعدها قائلة بشړ وكراهية
افتحي يا
وليه يا ۏسخ دا أنتي رجل بره ورجل جوه
بينما الأخرى ارتفع صوتها وهي تشير إلى الطفل
الواد بېموت مني يا عالم مش عايزة تفتحلي أخد هدومه منك لله ربنا ينتقم منك
أجابت والدتها تكمل ما بدأته بكلمات سوقية بذيئة
يا وليه يا بت الكلب يا خرفانه افتحي
لم تجد أي واحدة منهم إجابة من داخل المنزل بل الباب محكم الإغلاق والجيران يتابعون هذا الشجار من شرف منازلهم في الأعلى يعلمون أنها هي ووالدتها من شمال الجزيرة منطقة قڈرة بكل من فيها ومن يسكنها أبشع البشر ليس بهم كبير أو صغير يحترم الآخر يتلفظون بكلمات سوقية بذيئة كهذه ولا يستطيع أحد أن يقف أمامهم سوى جبل العامري
يعلمون أيضا أن السيدة ليالي حماتها امرأة طيبة القلب سريعة نسيان الخطأ الذي يرتكب في حقها
مغلوبة على أمرها فولدها لم يقف في صفها يوما أمام زوجته بل يكن ضدها وهي التي قامت بتربيته والإحسان إليه بعد ۏفاة والده وهي من قامت بجعله
يتزوج حيث كانت تضع كل مدخراتها في سبيل زواجه وتأتي إليه من هنا وهناك بكل ما يريد ولكنه خذلها بوقوفه أمامها وجعل زوجته تطاول عليها كل يوم والآخر أمام جميع الجيران وليس هناك من يردعها عما تفعله 
كانت السيدة ليالي تجلس داخل المنزل تستمع إلى صړاخ زوجة ابنها ووالدتها عليها يقومون بتشويه صورتها أمام الجميع في الخارج لم توافق على فتح الباب لها لتدلف إلى المنزل فهي رحلت منه بعد أن أعتطها وصلة سابقة من التوبيخ كهذه التي تحدث في الخارج 
وضعت كف يدها على وجنتها وهي تحاكي حزنها وألمها إلى نفسها اشتعلت نيران قلبها بالحزن والشفقة على حالها والتهبت ملامحها بالأسى والحسړة فقد قامت بتربية رجال كل واحدا منهم أطول وأكبر منها وهي من تعبت عليهم ليصبحوا في النهاية يقفون في صف زوجاتهن لا يستطيع أحد منهم العدل إلا واحدا أكلت الغربة عمره في سبيل الحصول على حياة كريمة لأجله ولأجل أولاده وزوجته 
قد أحسن إليها هو وزوجته
واحدا فقط من ثلاث رجال هو من يحبها ويهتم بها ويخشى حزنها هو وزوجته بينما الآخرين كل منهم يركض خلف زوجته ابتغاء في رضاها ورضاء أهلها عنه بينما والدتهم حتى وإن ذهبت إلى الچحيم فلا
 

14  15  16 

انت في الصفحة 15 من 51 صفحات