الأربعاء 27 نوفمبر 2024

رواية وبقي منها حطام أنثى بقلم منال سالم و ياسمين عادل

انت في الصفحة 42 من 64 صفحات

موقع أيام نيوز


إيه يا راوية اسلقي شوية خضار من غير ما تقطعيهم عشان نأكلها شوربة خضار
ردت راوية وهي تتحرك مبتعد من أمامها 
حاضر
_ انتهت إيثار من مهمتها واقتربت من الصغيرة لتقبلها فأنتبهت لعيونها المعلقة بالجانب الأخر فأدارت عيناها نحو المسار الذي تنظر فيه الصغيرة فوجدت إطارا خشبيا صغيرا موضوعا أعلى الكومود المجاور لفراش ريڨان ..

أمعنت النظر فيه .. كان الإطار يحمل صورة فوتوغرافية لسيدة جميلة ملامحها رقيقة وهي تحمل صغيرتها في يديها بحب وتقبل وجنتيها بحنان أمومي ..
وفجأة أشارت الصغيرة نحو ذلك البرواز وهي تغمغم ببراءة وصوت متلعثم 
آآ .. مماما....
_ دنت إيثار من موضع البرواز ثم التقطته وقربته من كفي ريڨان الصغيرتين وهي تقول بنبرة حزينة 
دي ماما!
_ كانت الصغيرة تحاول الامساك بوالدتها وكأنها مادية ملموسة محسوسة أمامها ولكنها فشلت بذلك فظلت ټضرب على زجاج البرواز بيدها الصغيرة في يأس ..
أحست إيثار بأن تلك الطفلة التي لا تشعر بشيء مما يدور حولها هي تفتقد والدتها..
وگأن شعورا لا اراديا قادها لفعل ذلك دون سوابق ..
شعرت بالشفقة عليها حتى قطع عليها لحظتها صوت الباب وهو ينفتح على مصرعيه ليدخل منه مالك ..
جاهد للسيطرة على قسماته المنفعلة ولكنه فشل بذلك هناك نيران مستعرة بداخله مشكلات لا حصر لها عليه حلها في وقت وجيز ومشاعر مضطربة يقاتل ظهورها ...
فقط رؤيته لصغيرته وقطعة قلبه هدأ من ثورته الهوجاء ..
تراجعت إيثار خطوة للخلف لتتحاشاه بينما تجاهلها هو و
اقترب من صغيرته ليحملها بين يديه ..
لاحظ إمساكها بذلك البرواز.. فأبتسم والحزن يخيم على عينيه ..
ثم أخذ نفسا مطولا وزفره على مهل وهو ينطق بصوت دافيء 
مامي وحشتك !
_ كانت الصغيرة تنظر له بعدم فهم فدنا ليقبلها بعمق أبوي ثم مسح على رأسها ووجنتيها بكفه ..
تابعت إيثار المشهد الذي لمس أوتارها بشغف حتى وقعت عينيه عليها فحدجها بقسۏة عهدتها منه فارتجفت من نظراته وازدردت ريقها بتوجس ..
أولاها ظهره بعدم اهتمام و خرج حاملا طفلته نحو حجرته ليختلي بها لقليل من الوقت ...
_ كانت اللحظات الحميمية التي تجمعه بطفلته هي الأجمل والأشد لذة على الإطلاق ..
داعب أصابعها مدغدغا إياها فعلى صوت قهقهاتها فإستمتع بسماع صوتها الذي كان گالدندنة في أذنيه ..
احتضنها بعمق وقبلها فشعر برائحة مميزة تتخلل أنفه ..
رائحة جميلة يعشقها ولكن لا يعرف مصدرها ..
أغمض عينيه ليشرد في صوت تلاطم الأمواج الذي امتزج برائحتها فأثاره ..
وهبت نسمة ريح رقيقة اخترقت حاسة الشم خاصته فأفاق فجأة على صورتها التي ضړبت رأسه ...
أنها رائحتها التي لم تتغير أبدا إنها معذبته إيثار 
أجل .. مرت السنوات ولم ينسى ماهية رائحتها المميزة ..
خفق قلبه وقرب ابنته ليشتم رائحتها مرة أخرى حتى تأكد من صدق حدسه ..
لقد علقت رائحة إيثار وعبقها في ابنته ولما لا فأغلب الوقت تقضيه ريڨان مع مربيتها الرقيقة ...
أغمض عينيه مستسلما لشوقه وحنينه الجارف لها ولكنه فتحهما فجأة وامتعضت ملامحه وعبست بشدة ..
هو يلوم نفسه على تفكيره الذي لا ينقطع حيال امرأة متزوجة خانت عهده وفضلت غيره عليه أمسك رابطة عنقه ثم بدأ يحلها پعنف وهو يتمتم بإنفعال 
سيبيني بقى حرام عليكي هتعملي إي فيا أكتر من كده !! سيبيني أرجوكي !!!!
_ ولجت راوية للغرفة بعد أن طرقت على الباب وأذن هو لها بالدخول فوقفت بين يديه وهي تسأله بتوجس 
أحضر لحضرتك العشا يامالك بيه 
أجابها مالك وهو يشير لها لتأخذ الطفلة 
لأ خدي ريڨان وديها للمدام عشان تأكلها وأنا نازل أوضة المكتب !
_ التقطت منه الصغيرة وهدهدتها برفق ثم تحركت لتترك الحجرة وعيني مالك معلقة بابنته حتى اختفت عن أنظاره .
.................................................. .........
_ كانت الساعات تمر عليها گالدقائق وهي جالسة مع الصغيرة
ريڨان..
انتهت من إطعامها
واطمئنت على استقرار معدتها بعد أن تأذت بفعل تغيير درجات الحرارة .. ثم احتضنتها وسردت عليها القصص البسيطة التي تصل لعقلها الغير واعي حتى غاصت ريڨان بنوم ثابت وعميق ..
غطت وجهها بعطايا قبلاتها المتعددة ثم تحركت بحذر شديد وهي تسحب يدها من أسفلها ..
جمعت حوائجها وعلقت حقيبتها على كتفها وخرجت لتبحث عن مالك لتبلغه بمواعيد الدواء المنتظمة لكي يأخذ حذره في غيابها خاصة في الليل ..
_ في نفس التوقيت غفا مالك بإرهاق وتعب بعد أن قضى عدة ساعات وهو يطالع الكثير من الملفات..
آلمته عضلات جسده لذا قرر أن يعطي لنفسه فسحة ليجدد نشاطه فقام بإراحة رأسه للخلف قليلا ولكن غلبه النعاس وتحكم سلطان النوم على عينيه ..
بحثت إيثار عنه في بهو الڨيلا ولكنها لم تجده ..
بنفس اللحظة لمحت أضواء المكتب المنارة فتوجهت بخطوات مترددة نحوه
احتارت في طريقة إبلاغه برسالتها عضت على شفتها السفلى وتساءلت مع نفسها بقلق هل تبلغه بهذا شخصيا أم تترك له رسالة مع الخادمة راوية 
خشت أن يتهمها مجددا بالاهمال وعدم التفاني في عملها فحسمت رأيها في النهاية بإبلاغه شخصيا ...
وبالفعل تحركت بثبات نحو الغرفة ثم طرقت بخفه على الباب قبل أن تلج للداخل ..
ولكنها تفاجئت بهيئته .. كان الشحوب يبدو عليه وكأن أصابه الأعياء وبدى عليه الأرق وقلة النوم ..
أشفقت عليه وهي تتطلع لملامحه بحنين لهذا الغريب وكادت تخرج وتتركه كما هو دون إزعاجه ولكن ما أثار انتباهها هو الكثير من الأوراق المتبعثرة يمينا ويسارا على سطح المكتب فقامت بترتيب الأوراق دون أن تصدر صوتا.. ولكنها قرأت ما حوته بفضول .....
_ ما هذا الهراء!
هكذا حدثت نفسها عندما لمحت الكثير من الأخطاء والسړقة الواضحة كوضوح الشمس في وضح النهار ..
فنظرت له مليا ثم حسمت رأيها بأن تجمع الأوراق وتطلع عليها بالخارج لتكون على حريتها ..
هذا التخصص في أساس الأمر تخصصها وهي قد اشتاقت له نعم لقد سنحت لها الفرصة من جديد لتمارسه 
خرجت من الحجرة بهدوء والتفتت برأسها لتلقي عليه نظرة أخيرة متأملة قبل أن تغلق الباب عليه بحذر ..
.................................................. .................
_ في ضحى اليوم التالي تحرك مالك على مقعد مكتبه وهو يتأوه من الألم الذي أصاب عنقه بسبب غفلته عليه ..
قام بشد ذراعيه للأمام تارة وللخلف تارة أخرى حتى يتمكن من تحريك كامل جسده ..
وكذلك مط عنقه للجانبين ليفك ذلك التيبس الذي أصابه ..
تحرك وهو يعرج بقدميه للخارج ولم ينتبه مطلقا لوجود هذه الأوراق ..
نظر في ساعة يده فعلم أن الوقت مازال أمامه لينال قسطا من الراحة قبل الذهاب للعمل .
_ وأثناء سيره باتجاه الدرج لمح أوراقه على الطاولة المجاورة للأريكة ..
اتسعت حدقتيه بذهول بعد أن فركهما جيدا وبلمح البصر كان قد اتجه نحوهم ..
دقق النظر فيهم وظل يقلبهم ورقة تلو الأخرى..
كانت إيثار قد وضعت اشارات عديدة بقلم ملون حول بعض الأرقام ورسمت بعض الدوائر الملفتة على أخطاء عديدة بهذه الحسابات ..
كان عملا رائعا بحق أثبتت فيه جدارتها لم ينس أنها كانت متميزة في مجال دراستها وهي ذكرته توا بمهارتها ..
مشاعر مضطربة ظهرت بداخله .. هل يوبخها على فعلتها أم يثني عليها لأنها سهلت عليه الكثير !!
تنهد بعمق وهو يتمتم لنفسه 
_ وبعدين معاكي ياإيثار!
.. زفر أنفاسه المحتقنة وأمسك بهاتفه من جيب بنطاله ولكن لفت انتباهه أن الوقت ما زال مبكرا ولا يجوز الاتصال بها بهذا الحين فقرر البقاء مستيقظا بعد أن غابت عنه الرغبة في النعاس وجلس ينتظرها في الردهة ...
.................................................
_كانت إيثار في هذا التوقيت المبكر تعاني من ويلات الخۏف والذعر فوالدها على فراش المۏت ..
لا يستطيع التنفس ... روحه تنفلت من بين أصابعه
شعور مخيف وهي تتخيل أن ملك المۏت رائحته تفوح في المكان ..
كان ينظر لعائلته في لحظات سكرات مۏته وكأنه يودعهم بأنظاره بينما صاحت تحية هادرة بفزع
اتصرف يا عمرو يابني ابوس ايدك ماتسبش أبوك كده هايروح مننا
رد عليها عمرو بهلع شديد 
كلمت الدكتور وقالي هييجي حالا على هنا
هتفت إيثار بړعب
وقد تسببت الصدمة في ارتعاش أطرافها وتناثر حبات العرق على جبينها 
طب آآ.. نوديه اي مستشفي او اي قسم طوارئ بسرعة !!!
هتف عمرو متلهفا وقد طرأ بباله فكرة 
انا هروح اجيب عربية اسعاف من المستشفي اللي جنبنا حالا !!
صاحت تحية پخوف وهي تلوح بيدها له 
بسرعة يابني !
_ شهق رحيم بشهيق متقطع مخيف ثم اتسعت حدقتيه بصورة أخافت تحية وتلون وجهه بحمرة شديدة ثم لفظ أخر أنفاسه وأنظاره محدقة بالسماء ..
سكون رهيب حل في المكان
ذلك الجسد الذي كان ينبض قبل أقل من ثانية بالحياة أصبح جثمانا لا روح فيه ..
شحب وجهه وتجمد كالصنم ..
صړخت إيثار بقوة لم تعهدها من قبل 
بابا ...!!!
تصلبت قدمي عمرو في مكانه على إثر صوتها المخيف ولم يستطع الاستدارة ليرى هول الفاجعة .....
صړخت إيثار مجددا بصوت يقطع نياط
القلوب وقد سبقتها عبراتها 
باااباااااااااااااا............................... !!!!!!!!!!!!!
.................................................
الفصل الرابع والعشرون 
وبات اللقاء بيننا محال 
لن تأتي أبدا إلي 
حتى وإن الزمان طال 
فكل شيء بعدك أبي أصبح في زوال 
هكذا شيعت إيثار والدها إلى مثواه الأخير بعبرات حاړقة .. كانت تعتقد أنه سنوات عمره ستمتد إلى سنوات وسنوات ولكن لكل أجل كتاب وها قد حان وقت رحيله ..
جرجرت تحية قدميها وهي مستندة على سيدتين من أقاربهم ممن أتوا لتأدية واجب العزاء
شارك عمرو في حمل جثمان أبيه وتعهد له بتنفيذ وصيته الأخيرة في حق أخته الصغرى ..
نعم سيصبح سندها ظهرها الذي تحتمي فيه من غدر الزمان .. من تلجأ إليه في أصعب الأزمات .. سيعوضها عما فات ..
.....................................
جلس مالك في الحديقة يترقب وصولها بعد أن قرر عدم الذهاب
إلى عمله اليوم ولكنها تأخرت على غير عادتها ..
طالع ساعته لأكثر من مرة وزفر بإنزعاج واضح ..
هز ساقه بعصبية وارتشف أخر ما تبقى من فنجان قهوته ..
مل من إنتظارها وعقد العزم على مهاتفتها ..
أمسك بهاتفه وعبث بأزراره ليتصل بها ولكنها لم تجب على اتصاله ..
ظن أنها تتجاهل إياه عن عمد فتجهمت قسماته وتوعدها بالتوبيخ اللاذع ..
عاود الإتصال بها لكن لا جديد .. فزاد حنقه منها وتمتم بنبرة محتدة 
ماشي يا إيثار !
ثم نهض من مكانه وتوجه إلى الفيلا وهو يصيح بصوت منفعل 
راوية جهزي ريفان أنا هاخدها وخارج
ردت عليه الخادمة راوية بنبرة خانعة 
حاضر يا مالك باشا !
ثم توجه بعدها إلى الدرج ليصعد إلى غرفته ويبدل ثيابه ..
......................................
توقفت لتلتقط أنفاسها في جانب الزقاق الضيق بعد أن ركضت بأقصى سرعتها هاربة منهم .. إنهم يطاردونها الآن بسبب عجزها عن سداد الدين ..
لم تعد تتحمل تلك الضغوط القاسېة بل هي لم تتخيل أن تتحول حياتها إلى چحيم لا ينتهي ..
كانت تبحث عن الثراء والراحة ناقمة على حياتها الماضية وظنت بزواجها
 

41  42  43 

انت في الصفحة 42 من 64 صفحات