الأربعاء 27 نوفمبر 2024

رواية وبقي منها حطام أنثى بقلم منال سالم و ياسمين عادل

انت في الصفحة 38 من 64 صفحات

موقع أيام نيوز


ورفعتها عن اﻷرضية ..
تابع مالك المشهد بإستغراب ومع ذلك حافظ على جمود تعابير وجهه ..
مسحت إيثار برفق على ظهر الصغيرة وظلت تهدهدها بحركات خفيفة ..
نهض مالك فجأة عن مقعده فجفلت إيثار من حركته المباغتة .. وجاهدت لتبدو طبيعية أمامه ..
تحرك ببطء نحوها وهو يقول بصرامة 
من النهاردة إنتي ملزمة تتابعي بنتي مسئولة عن كل حاجة تخصها !

وقف في مقابلتها وطالعها بنظرات قوية أربكتها وهو يكمل مهددا 
أي شكوى أي تقصير هيبقى في حساب عسير !!
ابتلعت إيثار ريقها بصعوبة وردت عليه بصوت خاڤت وهي تتحاشى النظر إليه 
حاضر .. يا .. يا مالك بيه 
أرادت هي أن تشير بوضوح إلى الفارق بينهما حتى لا تترك لنفسها المجال للتفكير فيه بصورة أخرى .. هو أرادها مربية لابنته وهي ستلبي رغبته .. وستلتزم بكل ما يخص عملها ..
ما أثار فضولها حقا وشغل تفكيرها طوال ليلة الأمس هو رغبتها في رؤية زوجته .. تلك التي شاركته حياته وانجب منها هذه القطعة الملائكية ...
لم تشعر هي باقتراب مالك منها بدرجة خطېرة ارتجف جسدها حينما رأته يميل برأسه نحوها جحظت بعينيها مصډومة وشهقت بصوت مكتوم وتوردت وجنتيها بحمرة ملتهبة .. لكنها تفاجئت به ينحني ليقبل ابنته من رأسها ..
وبلا قصد لمس كف يدها وهو يمسح على ظهر صغيرته فشعرت هي بإرتعاشة رهيبة تسري في جسدها .. 
كذلك لم يختلف شعوره عنها فقد أثرت لمسته الغير متعمدة فيه وخفق قلبه بصورة مزعجة ..
زاد من جمود تعابيره وتراجع للخلف وتابع بصوت غليظ 
لو في حاجة حصلت خلي راوية تكلمني سامعة
أومأت برأسها دون أن تنبس ببنت شفة .. وتمسكت بالصغيرة بقوة ..
تحرك مبتعدا ليخرج من دائرة سحرها الذي مازال يؤثر فيه إلى الآن ..
عاتب نفسه بقسۏة لإنهياره الوشيك من قربها المهلك وتممت مع نفسه بخواطره الشعرية ..
ألا تتركيني لحالي قاتلتي 
ففي قربك احتراقي وفي إبتعادك عني هلاكي 
...............................
عادت سارة من عملها وهي تطلق سباب متواصل ولاذع لاعنة فيه كل شيء فها هو يوم أخر يمر عليها وهي تهان ويساء إليها خلال
عملها وعليها ألا تشتكي أو تتذمر ..
رمقت رامز النائم على الأريكة بنظرات ڼارية ثم هدرت فيه بصوت غاضب 
قوم يا رامز اصحى كده وكلمني
تثاءب بصوت مرتفع ونظر لها بنصف عين ثم رد عليها بصوت متحشرج 
يادي القرف ! هو انتي جيتي
صاحت فيه بصوت منفعل وقد تحول وجهها لكتلة من اللهب 
قرف ! أما أنا قرف اتجوزتني ليه ضحكت عليا واستغفلتني وجبتني في الهم ده ليه 
أجابها ببرود مستفز وهو يوليها ظهره 
كنت عاوز فلوس ومكونتش هاعرف أخدها من أبويا غير لما أتجوز
صړخت فيه پجنون وهي تلوح بذراعها في الهواء 
إنت أوطى حد عرفته
رد عليها بجمود 
الحال من بعضه إنتي نفسك ريلتي عليا أول ما شوفتيني مصدقتي أني طلبتك للجواز وطمعتي فيا اشربي بقى
ثم قهقه عاليا ليثير حنقها أكثر وبالفعل نجح في هذا فأصابها حالة من الإنفعال الشديد وهدرت صاړخة 
أنا بأكره نفسي وبألعن اليوم اللي شوفتك فيه واليوم اللي وافقت فيه اتجوزك!
تثاءب بتثاقل وتمتم بصوت ناعس غير مكترث بها 
العني براحتك وسيبني أنام !
بصقت عليه وصرت على أسنانها لتقول بشراسة 
ربنا ياخدك يا شيخ
رد عليها بنبرة باردة متهكمة 
هياخدني وانتي معايا ! ماتتعشميش كتير
ركلت الأرضية اللامعة بقدمها ثم اندفعت للداخل وهي تكمل سبابها ...
........................................
قضت إيثار معظم نهار عملها وهي ترعى الصغيرة ريفان بإهتمام كبير ..
شاركتها اللعب وعلمتها مهارات الحياة الأساسية بمودة وأطعمتها غذائها بحب .. وجلست تسرد لها القصص الطرفية وهي تمشط شعرها بنعومة ..
راقبتها راوية من على بعد بناءا على تعليمات مالك فرأت فيها الأم الحنون .. 
اقتربت منها وهي تحمل صينية مليئة بالمشروبات الباردة ثم أسندتها أمامها وهتفت بحماس 
أكيد انتي عطشانة يا مدام إيثار أنا عملتلك آآ..
قاطعتها إيثار قائلة بصوت رقيق 
قوليلي إيثار على طول مافيش داعي لمدام
ردت عليها راوية بحرج 
ودي تيجي بردك
ابتسمت لها إيثار قائلة بود 
معلش عشان خاطري !
هزت راوية رأسها ممتثلة لطلبها وهي تقول 
حاضر !
ثم بدأت في ترتيب الكؤوس في الصينية لتصب المشروب ..
نظرت لها إيثار بحذر وتردد في سؤالها عن أمر ما فهي منذ تواجدها بالفيلا لم تلتق بزوجة مالك .. 
اعتقدت هي في وجود خلاف ما بينهما أو ربما هي لم تعد بعد من الخارج أو مريضة .. دار في رأسها عشرات الأسئلة عنها .. وفي النهاية عقدت العزم على سؤال راوية عنها لذا ابتسمت بهدوء وهي تسألها بتردد قليل 
هو .. هو أنا ممكن أسأل سؤال 
ردت عليها راوية بمرح 
اه اتفضلي
تساءلت إيثار بحذر وهي ترمش بعينيها 
فين مامت ريفان أنا مش شوفتها خالص هنا ! هي آآ.. مسافرة 
عبس وجه راوية قليلا وتمتمت بحزن 
مدام لانا
ارتسم على تعابير وجه إيثار علامات الضيق بعد معرفتها لإسم زوجة مالك وهمست بنبرة شبه منزعجة 
هي اسمها لانا 
تنهدت راوية بعمق وهي تجيبها 
اه الله يرحمها كانت انسانة رقيقة وجميلة
شهقت إيثار مصډومة ووضعت يدها على فمها وهي تهتف بذهول 
هي .. هي ماټت !!!!!
هزت راوية رأسها في حزن وهي توضح قائلة 
أيوه أصل آآ...
قضمت عبارتها بسبب رنين هاتفها فأشارت بيدها لها وهي تقول بجدية 
لحظة هاشوف التليفون
ردت عليها إيثار بتفهم 
اتفضلي
وضعت راوية الهاتف على أذنها بعد أن ضغطت على زر الإيجاب وأدرفت قائلة بهدوء 
ايوه يا مالك باشا اطمن كل حاجة بخير
صمتت للحظة قبل أن تتابع 
حضرتك جاي كمان شوية 
أومأت برأسها بإيماءة خفيفة وهي تكمل 
تمام الأكل هايكون جاهز
أنهت معه المكالمة ثم أشارت بكلتا يديها وهي تقول بإضطراب 
عن اذنك يا مدام ..آآ.. قصدي يا إيثار هاروح أجهز الأكل قبل ما الباشا يرجع
ابتسمت لها إيثار بود وهي تردد 
خدي راحتك
عاودت إيثار التحديق في الفراغ بشرود بعد تلك المعلومات المقتضبة عن حياة مالك طوال الفترة الماضية ..
......................................
لاحقا نامت الصغيرة ريفان بعد يوم حافل فحملتها إيثار برفق لتضعها في فراشها ..
ظلت واقفة أمامها تطالعها بنظرات اشفاق ... فهي طفلة يتيمة حرمت من حنان الأم وحضنها في هذا السن المبكر ..
ورغم الآلم الذي شعرت به تجاهها إلا أنه لا يقارن بإحساسها تجاه مالك .. 
أشفقت عليه هو الأخر ففقدان عزيز يؤثر بنا بأي حال فماذا عمن شاطرنا جزءا من حياتنا
لم تشعر بوجود مالك معها في الغرفة فقد عاد من عمله
ليطمئن على صغيرته ..
فجذبه رؤيته لإيثار تداعب طفلته النائمة بحنو وراقبها في صمت ..
تنهد بعمق ليقاوم إحساسه نحوها أراد أن يظل حانقا عليها كارها لها لكن مشاعرة مضطربة مذبذبة نحوها ...
تنحنح بخشونة وهو يلج للداخل بخطوات بطيئة وثابتة فانتبهت هي لوجوده واعتدلت في وقفتها ..
لم ينظر نحوها وسلط أنظاره على صغيرته وأردف متساءلا بصوت خفيض 
أخبارها ايه 
ردت عليه بصوت رقيق رغم خفوته 
بخير الحمدلله
دس يده في جيبه ليخرج حفنة من الأموال ثم مد كفه بها نحوه وتابع قائلا ببرود 
خدي
نظرت لما في يده بإستغراب ثم رفعت رأسها لتنظر
نحوه والإندهاش لم يفارق نظراتها وسألته قائلة 
دول ايه 
رد عليها ببرود موجز وهو يرمقها بنظرات شبه إحتقارية 
أجرتك
اتسعت حدقتيها مصډومة وهي تردد 
نعم
تابع قائلا بإبتسامة متهكمة 
هو انتي بتشتغلي ببلاش 
ردت عليه بكرامة وهي ترفع رأسها للأعلى في كبرياء 
لأ .. بس اللي أعرفه اني الواحد بيقبض مرتبه في أخر الشهر أو لما يخلص شغله مش باليومية
برر لها قائلا بإستهزاء 
اعتبريه تحت حساب اهو حاجة تصرفي بيها على نفسك بدل ما تستني تمدي ايدك لجوزك وآآ...
قاطعته قائلة بحنق 
خلي فلوسك في جيبك يا مالك بيه لما يجي ميعاد قبضي حضرتك تقدر تسلمه للمكتب وانا هاخده من هناك غير كده مافيش فلوس هاخدها من حضرتك مباشرة عن اذنك ميعاد انصرافي جه !
ثم تركته وانصرفت وهي تحاول منع نفسها من ذرف العبرات فكلماته الچارحة أهانتها بشدة وزادت من وخزات قلبها .... 
شعر مالك بالضيق من ردة فعلها المعتزة بنفسها والتي تناقض ذلك التصور المادي الحقېر الذي وصمه بها وحاول إقناع نفسه أنها تدعي كل هذا للإيقاع به مجددا ..
وظل
يردد لنفسه بقوة أنها مجرد كاذبة مخادعة تضع قناع البراءة على وجهها وعليه بالحذر منها كي لا يقع في فخها مجددا ..
....................................
انزوت إيثار في غرفتها ورفضت تناول الطعام مع عائلتها وأخذت ترثي حالها ..
أمسكت بصندوق ذكرياتها الخشبي والذي جمعت فيه كل ما ربطها بمالك وفتحته لتنظر في القصاصات الموضوعة به وتنهدت بآسى وهي تعاتبه قائلة 
ليه انت كمان جيت عليا ليه 
أغلقت الصندوق وعبراتها تنهمر بغزارة على وجنتيها ثم أسندت رأسها على الوسادة لټدفن نفسها فيها وتكمل بكائها المكتوم ....
.......................................
مرت عدة أيام على مالك وهو يتابع بدقة عمل إيثار مع ابنته التي اندمجت معها كثيرا ..
كان يتعمد عدم التواجد في الفيلا قدر الإمكان طوال فترة وجودها حتى لا يؤثر عليه حضورها ..
ولكن أسعده حقا هو حالة الود والألفة بينهما .. فقد ملأت هي وجود الفراغ في حياة ابنته اليتيمة ..
مالك بيه حضرتك متابع معايا 
قالها أحد الأشخاص بصوت جاد لينتبه له ويفق من شروده فابتسم قائلا بهدوء 
اه معاك اتفضل كمل عرضك ! 
.............................
استقلت روان الحافلة لتذهب إلى أخيها بعد أن تعذر عليها استئجار سيارة أجرة ولكنها لم تتوقع أن تجد فيها من يحاول التحرش بها أثناء جلوسها ..
في البداية ظنت أنها تتوهم وجود من يتلمس جسدها من الجانب فإرتعشت قليلا ثم تحركت مبتعدة وانكمشت في مقعدها لكن تكرر الأمر مجددا فجحظت بعينيها پذعر والتفتت برأسها للجانب لتنظر إلى ذلك الحقېر الذي يتطاول عليها ..
كان ذلك الدنيء محدقا أمامه ومسندا ليده على طرف المقعد الأمامي بينما يده الأخرى تمتد خلسة لټلمسها فإستشاطت ڠضبا وصړخت فيه فجأة 
ما تحترم نفسك يا قليل الأدب
نظر لها الرجل شزرا وصاح ببرود وكأنه لم يفعل شيئا 
جرى ايه يا بت انتي هو في حد جه جمبك ولا ده رمي بلى !
دهشت مما قالته وفغرت شفتيها مصډومة ثم سريعا استجمعت شجاعتها وصړخت فيه بإنفعال 
أنا بأرمي بلايا واللي انت اللي مش قاعد محترم وعمال تلزق فيا !
انتبه عمرو والذي كان يجلس في الخلفية للمشاجرة الكلامية الدائرة في المقدمة وصدم حينما رأى جارته روان هي من تصرخ في ذلك الغريب .. فنهض عن مقعده فورا وتحرك في اتجاهها ..
تابع الرجل قائلا بحدة 
نعم انتي هتتبلي عليا ولا ايه
صاحت فيه روان بغيظ وقد احتقن وجهها بشدة 
أنا
 

37  38  39 

انت في الصفحة 38 من 64 صفحات