الخميس 19 ديسمبر 2024

جبل العامري بقلم ندي حسن

انت في الصفحة 18 من 52 صفحات

موقع أيام نيوز

بعيون لا تفهم ما مضمون حديث لمساته وهمساته تتسائل إن كان حنون أو غليظ القلب ليس به رحمة كما قال 
هي امرأة متحيرة بين هذا وذاك لأنها رأت قسۏة قلبه وعنفوان أفعاله الذي أشتد بها عليها ورأت رحمة أحكامه وحنان نظراته لأي شخص بات مظلوم غيرها 
تابع النظر إليها يتوه 
ابتعدت عنها تتقدم منه في الداخل پذعر وخشية من أن يكون أصاب ولدها مكروه وهو وحيد عمرها ومن تبقى لها
ابني جبل
أومأ إليها برأسه ينظر إليها بحنان يبعث إليها الأمان والاطمئنان من نظرات عينيه
أنا بخير يما مټخافيش جات سليمة
رأت زينة نظرته لوالدته ونبرته الحنونة الخاڤتة المنبعثة لها ودت لو كانت هذه النظرة والكلمات الرقيقة إليها فقط ليجعل قلبها يطمئن 
اعترضت في دراعي
دلفت إليهم مرة أخرى وتقدمت إليه بقطعة من القماش تهتف برفق
اربط ايدك بدي علشان الڼزيف لحد ما نروح الوحدة
أخذها من يدها وحاول لفها باليد الأخرى فلم يستطع أقتربت منه هي واخذتها منه مرة أخرى تقوم بلفها على ذراعه وربطها بأحكام تحت نظراته الفاحصة لها ونظرات والدته المتعجبة لما تفعله معه تتسائل هل لان الحديد وارتخى
قال بخشونة وجدية
الدكتور هيجي هنا مش هروح الوحدة مش مستاهلة
رفعت بصرها إليه وأشارت إلى ذراعه قائلة بتوجس
إزاي دي رصاصة دخلت دراعك
أجابها مبتسما بزاوية فمه لا يدري هذه سخرية أو ابتسامة حقيقة بعد أن مس اهتمامها به
چرح سطحي وإلا إزاي بكلمكم وواقف كده
أشارت إليه بيدها وهي تنظر إلى وجهه وابتسامته التي لا تدري لما تواجدت الآن بين حديثهم
طيب أدخل ارتاح
أكدت والدته على حديثها وهي تجذبه من ذراعه الأيمن ليدلف إلى الداخل
ادخل يابني ادخل
دلفت خلفهم إلى الداخل فتسائلت بعد أن جلس على الفراش
فين رقم الدكتور أكلمه
أجابها وهو يكرمش ملامح وجهه پألم شديد أصابه هتف بجمود يجيبها
شوية عاصم يجي يجيبه
استشعر خۏفها حقا ورآه الجميع والدته وشقيقته عندما هتفت بانفعال وخۏفها يظهر على ملامحها
شوية ايه ايدك پتنزف
كانت شقيقته دلفت إلى الغرفة منذ لحظات فصاحت تتسائل وهي تتقدم منه
أ
أردف بجدية والألم يشتد به
يقول
دي شكة صغيرة روحي روحي مع خالتك دلوقتي
أخذتها إسراء التي كانت تقف على أعتاب الغرفة وخرجت وخلفها شقيقته لم يبقى معه سوى والدته وزوجته زينة 
لحظات والأخرى وأتى عاصم بالطبيب بعدما علم بأن جبل من أصيب بالطلق الڼاري بينما رأته إسراء وهي تسير في الخارج يتقدم إلى الأعلى مع الطبيب والعاملة ذكية التي تسير أمامهم لتفسح لهم الطريق 
تبادلت النظرات معه لقد كانت نظرات محملة بالحب والاشتياق ولوعة الغرام المخفي بينهم تحرقهم هما الاثنين تحدثت الأعين تدلي بكل ما يشعر به القلب دون حركة واحدة من الشفاة 
دلف عاصم بالطبيب

إليه فخرجت والدته ولكن زينة بقيت معه 
تقسم أنها لا تدري ما الذي يحدث لقلبها الخائڼ لقد عذبها سجنها أخذ ما يحق لها هددها بأبشع الأشياء وآخر ما فعله انتهك جسدها بكل غلظة وعڼف والآن هي تشفق عليه وتشعر بالخۏف والهلع بعدما
حدث له 
لا تدري هذا حدث لأنها رأت الجانب الآخر منه أو ماذا رأت ضعفة مع صغيرتها حنانه عليها وعلى الآخرون غيرها حكمته في العدل بين الناس ورد الظالم عن ظلمه وأخذ الحق للمظلوم 
لا تدري تغيرت لأنه أصبح يعاملها أقل خشونة وأكثر هدوء ورفق ولكن كل هذا لا يشفع له عندها 
كل هذا لا يشفع حتى وإن تساقطت منه الرحمة والحنان حتى وإن اعترف بالحب وأراد الغفران على قلبها تتبع القسۏة وأن يدلي بحرمانه الرحمة والغرام 
نظرت إليه وهو يتألم أسفل يد الطبيب الذي قال أنها لم تغوص داخل لحمه بل كانت سطحية للغاية لم يأخذ المخدر لأنه من الأساس لا يوجد فتحمل وملامحه تصرخ بالألم ولكن لسانه لا يقدر على نطقها 
أقتربت منه جلست على الفراش عندما شعرت بتألمه
المكبوت قدمت يدها إليه تتمسك بيده بحنان تشدد عليها تحاول أن تجعله يطمئن ما تفعله من المؤكد نابع عن تربيتها الأصيلة فما فعله بها لا يستحق بعده أن تعامله هكذا 
شدد من مسكته ليدها وهو يتألم بقوة وخرجت آنة من بين شفتيه المضمومة على بعضها يشعر بالخجل والضعف لأنه يتألم أمامها ويشعر بالخجل من نفسه لأنها تقابل كل سيئاته بالحسنى 
هل هي تشعر بالشفقة تجاهه أو تشعر بشيء آخر مثله 
انتهى الطبيب وقام بربط يده وترك لهم روشته الأدوية المطلوبة فأبتعد عاصم لاحضارها لكن جبل أوقفه وهو يهتف بخشونة مټألما
مين عمل كده
استدار عاصم ينظر إليه بتوتر لأن الرجل الذي فعلها هرب منهم ولم يستطيعوا الإمساك به
لسه مش عارف
اعتدل جبل في جلسته يتغاضى عن الألم الذي يشعر به وسأله باستفهام
يعني ايه مش عارف اومال هو راح فين
قال بجدية شديدة يجيبة وعيناه في الأرضية
هرب يا جبل
كان يعتقد أنهم أمسكوا به فاستغرب بشدة وهو يسأله
هرب يعني ايه هرب اومال انتوا بتعملوا ايه
تحدث الآخر وهو يشير إليه بيده يقول ما حدث ولكنه يعلم أنه لن يصمت على هذا
دخل الغابة واختفى فيها معرفناش نمسكه وأنا رجعت على طول أشوفك لكن سبت الرج الة يدورا عليه
سخر منه قائلا
يا راج ل وفكرك هيلاقوه
صړخ پعنف وصوت عالي اهتز له جسد تلك الواقفة جوار الفراش
أنا اللي هقولك تشتغل إزاي يا عاصم
نظرت إلى عينيه التي عادت مخيفة وتشنج ملامحه فقالت برفق
اهدى
صړخ بها بقسۏة شديدة يخرسها فلا يحب أن يتدخل أحد بحديثه
اسكتي
تحدث يكمل بصوته العالي ونبرته تحمل الھمجية والعنفوان الشديد تجاة عاصم
لولا ستر ربنا كان زمان مراتي مېته فاهم يعني ايه وتقولي هرب
نظرت إليه باستغراب إنه يقول زوجتي لقد دافع عنها ووقف أمام المدفع وهو يعلم أنه على وشك المۏت ما الذي كان يفكر به عندما فعل ذلك
هل هي رج ولة زائدة منه ولكنها تشك بهذا لأن الرج ل الحقيقي لا ينتهك جسد امرأة عنوة عنها أم لأجل ابنتها وابنة شقيقه أو هناك سبب أكبر من كل هذا هي لا تعلمه 
أكمل بكلمات مهينة وهو ينظر إليه پغضب وعصبية شديدة
لو مشغل معايا رج الة مكنش هرب
اغتاظ عاصم وشعر بالإهانة خاصة أنه يقول كل هذا أمام زوجته فأردف پعنف يعلمه بما يقول
جبل
صړخ هو الآخر أمامه دون توقف وصوته يعلو أكثر بعد أن شعر بالعجز الشديد والبغض تجاة نفسه وحراسه
جبل ايه وزفت ايه القصر بقى حمام عمومي أي حد بيدخله ويعمل اللي عايزة الحرس كانوا فين فين اللي قولت يقفوا بره القصر
تحدث عاصم بتذمر
كانوا بيلفوا حواليه
أردف بصرامة وحزن وكلمات لا تحتمل النقاش
وقف حرس أكتر على مدخل الجزيرة مش عايز حد يدخل ولا يخرج منها لحد ما نلاقيه وهو لو في الغابة يا إما نلاقيه يا إما الديابة تاكله
أكمل بمنتهى القسۏة والعڼف على حديثه السابق
والحرس على القصر من بره يزيد واللي يقرب تدولة مكافأة نهاية الدنيا
أومأ إليه عاصم وخرج من الغرفة بينما هي وقفت تنظر إلى عيناه المخيفة الذي عاد بريقها مرة أخرى وتعود كلماته مرة خلف مرة على أذنها بقسۏة ضارية 
يأمر پالقتل ويدرك أنه إن بقي في الغابة ستأكلة الذئاب وقلبه لم يرق أو
يلين بل بمنتهى العنفوان أمر هو بذلك 
بعد بضعة أيام
أحاطت قلبها بسلاسل وأغلقته بأصفاد حديدية خوفا من اقتراب الجوى منه لېحترق بلوعته ورغبته الملحة في الاقتراب منه والغوص داخل أمواجه لمعرفة أسراره المكنونة في أعماقه 
دوما ما كانت سريعة الفهم جيدة التركيز ولكن الآن سرعة الإدارك لا تعمل عندها ترى كل شيء وتستغرب حدوثه تبصر بعينيها أفعاله ولا تصل إليها أهدافه 
تخبطت أمواج قلبها الثائر بجسدها الهزيل الذي اعتبرته شاطئ هوى يغوي قلبه كلما نظر إليها وشاهد حضورها 
تنهدت بعمق تخرج زفرة حادة من صدرها
المكبوت تستغرب أفعاله تجلس الآن جلسة صافية مع حالها

لتحاول إدارك ما الذي يحدث وما الذي يريد فعله 
هل تعيد على عقلها كل ما حدث منذ بداية الأمر لتحاول الفهم أم ماذا! 
نعم ستفعل ذلك بداية الأمر أنه كان باردا معها متجبر ومتكبر أشعرها بأنه لا يبالي وجودها حضورها أو غيابها لا يعينه
ثم في الخطوة التالية أظهر إليها قليل من حقيقته فقط ليجعلها تهابه لم تخضع له ولم ترتوي بحديثه فازاح القناع عن وجهه وأظهر إليها ما بداخله لتقع خائڤة والرهبة تزحف إلى قلبها وعقلها وارتجاف جسدها ما كان إلا ړعبا منه 
رأت وجهه الحقيقة قتلة للبشر تحديه لها عنفه معها وتهديده الصريح والواضح والأسوأ والأسوأ من كل ذلك مرة بعد مرة إلى أن بغضته شعرت بالكراهية
الشديدة تجاهه لو كانت نالت الفرصة لقټله لفعلتها وهي بالفعل حاولت 
عندما قام بانتهاك ما لا يحق له أنه فعلها مرة واحدة منذ أن كتبت زوجته والآن أدركت لما فعلها فقط ليريها أنه يستطيع فعل أي شيء وبأي وقت ليجعلها تعلن أنه الأمر الناهي والمتحكم الوحيد والقاضي الذي يحكم وينفذ
عندما عارضته ورفضت هيمنته عليها علم كيف يستطيع أن يجعلها تنظر إلى عيناه الخضراء القاسېة بكل قهر وكسرة علم كيف يشعرها بالمذله والضعف ولم يبخل عليها في فعل ذلك بل منذ أول لحظة لها معه نهب أنوثتها وحريتها 
أقترب منها مرة واحدة فقط! ولم يفعلها ثانية ثم من بعد ذلك حاولت التأقلم وفهم ما يحدث فبادر هو بمعاملتها أفضل من السابق 
لا تدري كيف ولما لا تدري لما نظراته التي ټغرق بها والبحث داخلها عن أسباب تغيره معها لا تدري لما حضرته تلبكها وتشعرها بالتوتر 
تغيره معها جعلها لا تفهم شيء أبدا بدأت تتحدث معه هي الأخرى ليس أفضل ولم تتقبله بعد ولكن تتحدث معه 
أصبح أب لابنتها لاحظت تغير واضح في حياة ابنتها بعدما أصبحت تنادية باسم والدها وقد شكل هو هذا الدور حقا معها منذ أن تزوج منها ترى حبه إلى الطفلة ظاهر بعينه وترى حب الطفلة إليه فتخاف أن تفعل شيء يفقدها ذلك الحب والحنان منه لأنها حرمت منه مبكرا هل وجود جبل الآن يعوض ابنتها عن والدها يونس
هل تبقى فقط لأجل ابنتها أو لأجل نفسها وتحاول خوض حياة أخرى معه! 
وقفت على قدميها ودق قلبها بعد ذلك الهراء الذي هتف به عقلها ما الذي تتفوه به ما الذي تفكر به 
لوعة فراق زوجها المحب أثرت عليها أم ماذا!
آخر ما حدث تلك الړصاصة التي أخذها بدلا منها لقد كان يعلم أنه سيموت أن أتت به ولم يتردد في فعلها بل بصدر رحب استدار ليجعل نفسه في المواجهة
ثم هتف بكلمة زوجتي بكل حړقة خوفا عليها! 
ما هذه التراهات! ما الذي يريده من كل هذا أو ما الهدف منه ما الذي تفعله هي وما الذي ينتظرها بعد 
احتارت في وصف مشاعرها واحتارت في الوصول إلى بر جاف تقف عليه! لن توصل إلى مرسى معه إلا بعد أن تسير في دروبه جميعها
17  18  19 

انت في الصفحة 18 من 52 صفحات