بين الحقيقه والسراب
تلقي السلام خجلا
اجابوا سلامها بكل ابتسامه يتبعها استغراب
بعد ساعه تقريبا من حديثهم مع بعض الذي قصه عليهم رحيم منذ بدايه المشكله الخاصه بمريم الى نهايتها فتحدث ذلك الخلوق جميل
شوف يا ابني احنا مش هنتكلم في اي حاجه دلوقتي علشان هي باين عليها الارهاق والتعب الشديد وباين كمان ان مشكلتها كبيره جدا لكن بأمر الله يا بنتي ربنا هيقف جنبك وما تقلقيش وطالما جيتي بيت جميل واحتميتي فيه من شړ الدنيا هيكون ليكي حصن امين علشان البيت ده ما تعودش يرد السائل ابدا وانت قصدتيه في أمانك وهو مش هيردك أبدا
علشان تبقى على راحتها يا ابني وديها المضيفه اللي انا عاملها لاخواتك البنات لما يجوا هما وأجوازهم عشان يبقوا على راحتهم
واسترسل حديثه وهو ينظر الى مريم بحنو
تعرفي ان الفرق ما بين اسم بنتي واسمك حرف الميم بس يعني لو كان عندي بنت تالته كنت هسميها على اسمك يا قمر انتي
ازاي وما تقلقيش رب الخير لا ياتي الا بالخير
11
أتى الصباح محملا بالأثقال والهموم على ابطالنا الذين دهستهم هموم الحياه وضغطت بكل قوتها على قلوبهم البريئه وجعلتها دامية
في منزل جميل المالكي ظهرا بعد ان استيقظ الجميع وكان اليوم عطلة رسمية
حيث ردد جميل الى مريم بابتسامة بانت على ثغره آمرا اياها بلطف
شوفي يا مريم يا بنتي دلوقتي تفطري معانا وتعتبري البيت بيتك مش عايز منك توتري نفسك علشان احنا داخلين على مرحلة صعبة في مشكلتك المعقدة دي مع الناس اللي لا تعرف دين ولا رب دول
كانت تنظر اليهم بعين الاشتهاء لعالم حرمت أن تعيشه طيلة حياتها
تود أن لا تتركهم بعد ان عاشت ليلة آمنه لن تعيشها من قبل رغم روع روحها جراء ماأصابها ليلة أمس
والله يا اونكل انا عمري ما شفت ولا هشوف ناس زيكم وفي كرم أخلاقكم ربنا يجعله في ميزان حسناتكم يارب
أما عن فريدة فكانت مت الوضع بثقل علي قلبها فهي من نظرة واحدة من عيونها لولدها أدركت مدي وقوعه في عشق
ياتري ايه حكايتك يارحيم مع البنت دي
النظرات مش مطمنة لها ولا مرتاحة لها ويارب مايطلع إللي في بالي صح علشان لو طلع زي مانا متخيلة كدة هتقلب غم علي راس الكل
فاقت من تيهتها علي صوت تلك اليتيمة وهي تمدح في صنع يديها هاتفه لها بشكر
بجد تسلم ايدك يا طنط الأكل تحفة جدا
وتابعت حديثها ولمعة الدموع بدت من عينيها مرددة بحنين
تقريبا ما أكلتش الأكل ده من زمان من ايام ما كان عندي ست سنين ايام ما كان عندي بابا وماما الله يرحمهم
انقطع قلب الآخرين على تلك المسكينة من ذكرياتها الأليمة التي فطرت قلوبهم مما جعل تلك الفريدة قلبها
يرق لها ويئن ۏجعا
فتحدثت فريدة معقبة على حزن تلك المقهورة بتهوين على حالها وهي تناولها الشطيرة بحنو
طيب خدي قطعة الكرواسون دي الأول ودوقيها وقولي لي ايه رايك فيها وبعدين عيطي براحتك ما انا خلصت من ريم بنتي وعياطها علشان خاطر افوق لعياطك إنتي كمان يا ست مريم
قالت كلماتها بنبرة فكاهية لكي تري الابتسامة على وجه تلك التي اثرت في قلبها بسبب حديثها الأخير الذي آلمها كثيرا
وعلى فكاهيتها تحدث رحيم الى التي كل يوم بل كل لحظة تسكن كيانه اكثر من ذي قبل معقبا بنبره إطرائية
شوفي بقى ماما في المعجنات تاخد الاوسكار ولا اجدعها شيف معجنات يقدر يعمل بنفس طعامه ايد ماما
انفرجت اساريرها من تفاخر وحيدها واطرائه على طعامها
ثم تدخل جميل في الحديث قائلا لها بود
شوفي يا مريم يا بنتي من النهاردة تعتبري البيت ده بيتك وان شاء الله لما مشكلتك تتحل مش هنسيبك علشان إنتي دخلت قلبي
شكرته بامتنان بان على معالم وجهها ثم ابتلعت أنفاسها بصعوبة بالغة عقب ذكره لمشكلتها مرددة بعيون كلها رجاء
هو حقيقي ممكن مشكلتي دي تتحل يا اونكل ولا انا كده خلاص خسړت كل حاجه كليتي ومستقبلي ومصيري هتبقى الأحداث لو عرفوا طريقي واللي اكيد هيعرفوه لما اروح الجامعه
حزن رحيم لأجلها كثيرا وحدث حاله بكلمات توجعه عليها
لما كل ذاك الحزن تجمع في حضرتك متيمتي التي سلبتي عقلي وأصبح يفكر بكي كل وقت وحين
قلبي وعقلي وروحي بل وكلي بات متعلقا بكي وكأنكي أصبحتي منه وبات موجوعا لوجعك
وقلبي دقاته تدق أبوابك تارة عشقا وتارة ألما وتارة شوقا لرؤيا بسمتك
وأجابها بكلمات بثت الطمأنينة داخلها قائلا بابتسامة أمل
متقلقيش يامريم مش هتروحي الجامعة إلا لما نشوف حل لمشكلتك دي ولا هتخرجي من هنا من أساسه غير وإنتي في أمان بإذن الله
أما جميل تحدث ناطقا بإيضاح
شوفي يابنتي أولا خلي عندك ثقة في ربك إللي سترك السنين دي كلها إنه مبينساش حد وهيسترك عمرك الجاي طالما فضلتي متمسكة بإيمانك بيه
واسترسل بعيناي تفيض حنانا باقتراح لكي يجعل بالها يهدأ
وثانيا بقي ياستي أنا عندي مهندس كمبيوتر عبقري في البنك هعزمه هنا علي فنجانين قهوة وهنعرض عليه مشكلتك من البداية وأنا عندي
ثقة فيه بعد ربنا سبحانه وتعالى هيقدر يوصل لحل يرضينا كلنا وربنا إن شاء الله هيسخر لك جنوده إللي هتحفظك
وترعاكي
واستطرد وهو يقوم من علي طاولة الطعام بدعابة
أنا شبعت الحمدلله وعايز أشرب قهوتي من إيدك
قولي لي بقي بتعرفي تعملي قهوة ولا فاشلة في المطبخ
ابتسمت بإشراقة علي دعابته وقامت من مكانها وهتفت باستئذان من فريدة وهي تنظر لها وتشمر عن ساعديها باستعداد
طبعا ده أنا أصلا أحلي حاجة بعملها القهوة
بعد إذنك ياطنط أقتحم مطبخك وأعمل لعمو جميل فنجان قهوة
أشارت إليها فريدة قابلة بدعابة مماثلة لجميل
اتفضلي ياحبيبتي هتريحني والله من طلبات القهوة والشاي إللي مش بتخلص الساحة ليكي وورينا شطارتك
هرولت مريم بنشاط كي تصنع قدح القهوة لجميل والشاي لها و لرحيم وفريدة بعد أن سألتهم عن مشروبهم المفضل بعد الطعام
نظرت علي أثرها فريدة وهي تتنهد بتعب من صراعها الداخلي لتلك المريم
فهي في صراع بين قلبها وعقلها في معضلة تلك الفتاة التي اقټحمت حياة ولدها ومن ثم حياتهم
ويبدو لها
أنها ستعاني كثيرا من ذاك الصراع فالعقل يرفض وجودها بينهم والقلب يأمره أن يصمت
وبين صراع العقل والقلب أرواحا تنهك مشقة وكبد ليس لهم نهاية
بعد مرور عشرة دقائق خرجت إليهم بآنية المشروبات ووضعتها أمامهم وأعطت كل منهم كوبه وعلي الفور تذوقوه وحقا كانت بارعة في صنعهم
واستاذنت منهم أن تخرج إلي حديقة المنزل تتنفس هواها الذي يشعرها بأنها دون أوامر أو قيود
فأذنوا لها بكلمات أشعرتها أنها صاحبة منزل مثلهم ولها مطلق الحرية تفعل كما تشاء
خرج معها رحيم معللا بنفس حجة مريم ولكنه بداخله يريد التحدث معها بمفردهم فهي صارت تشغل حيزا كبيرا من تفكيره بل أصبحت كل تفكيره
خرج الثنائي الهادئ متخذين المقاعد الموجودة مجلسا لهم
وبعد أن استقروا ردد رحيم متسائلا بوجه بشوش
عرفتي تنامي امبارح ولا قلقتي زي كل يوم
تنهدت بتعب وصدر محمل بالهموم عما يجيش في كل حواسها من هواجس وخوف جراء ماحدث لها وهتفت بحمد
جدااااااااااا الحمدلله بقالي كتييير منمتش بعمق كده
واسترسلت حديثها بتذكر
بس خاېفه وبحلم بيوم ضياعي اللي مستنيني أوووي يارحييم
انقبض قلبه بالدقات لشعورين متضادان شعور الحب الذي أصابه عندما نطق لسانها اسمه كأعذوبة خرجت من فمها
وشعورا آخر خوف وحزن علي أمانها التي افتقدته وهي زهرة بريعان شبابها تحزن كل ذاك الحزن
شعورين في آن واحد بدقات واحدة لكن دقاتهما مختلفة كليا عن الأخري
فنظر لها بأعين تفيض حنانا كي يطمأنها ويهدأ من روعها
عايزك تطمني قلبك وبالك وتستجمي كدة علشان أنا مش هسيبك أبدا وهفضل جمبك يامريم
دقات قلبها أعلنت الطبول علي حديثه الحنون وعيونها صارت تنظر له بتعجب وحيرة
وأفلت لسانها بسؤال نابع من قلبها دون أن تحسب له حسبان
ممكن أعرف إنت بتعمل معايا كدة من باب الشفقة والعطف
انتابه شعور حزن مغلف بالكبرياء علي شخصها
وعلي تفكيرها بقلة لكونها في نظره أغلي من أي ثمين
وانطلق لسانه معبرا عن قلبه بدون حسبان للمنطق ولا العقل ولا حتي الأشخاص فقط نطق لسانه عما يجيش في صدره هاتفا بعاطفة احتلت قلبه منذ أن عرفها
يمكن علشان مشدود ليكي وحاسك مني !
أو يمكن علشان قلبي وكل كياني بقي حاسس إنك مسؤوله منه !
أو يمكن علشان حبيتك يامريم مثلا
هنا امتنعت عقارب الساعة عن الدوران إجلالا لما نتج من اعتراف العاشق الولهان لتلك البريئة النسمة الرقيقة التي امتلكت الوجدان
القاتم
مرددا لها بوله
ياه مكنتش أعرف أني لما أعترف لك باللي حاسس بيه إني هسمع ردك من دقات قلبك
واسترسل بابتسامة عاشق
وصلتني إجابتك ياروما واعملي حسابك ده إسم دلعك إللي هناديكي بيه بعد كدة
قال تلك الكلمات وقام من مكانها كي يترك لها مساحة لخجلها وتوتر مشاعرها
وما إن تركها وغادر المكان حتي وضعت يداها علي قلبها تهدأ من دقاته التي انتباتها عقب اعترافه الصريح الذي لم يكن بالحسبان
وحدثت حالها بانبهار وهي تناشد كلها معبرة عنه بكلمات خرجت من قلبها
كأن خالقي اعتراني برحمته ورزقني الحب الذي يسكن كل جوارحي ولساني كان عاجزا عن الإعتراف به !
كأن قلبي وعقلي وروحي سيفرحوا والڤرج الآتي سيعبر حياتك مريم
يا الله
كم كريم لطفك وكم عظيمة منحك وكم رائع عوضك وجبرك لي ياالله
ولكن هل جبرت مريم أم للقدر رأي أخر
في منزل باهر الجمال عصرا
حيث قضت ريم ليلتها وكأنها تلتوي علي جمر الڼار مما حدث لها أمسا فمن لحظتها تبدلت أحوالها وصار الألم أضعاف ألم رحيل زوجها الذي مازال يعتريها وألم الطوفان الآتي الذي ستواجهه امام جيوش العناد والتحدي
من ليلة أمس وهي تفكر في حل لتلك المعضلة دون أن يمس سمعتها خدشا واحدا وياليتها السمعة فقط بل مستقبل وجود اولادها تحت وصايتها مهدد بالبقاء معها
ورأت أن تهاتف والدتها
كي تأتيها علي الفور وستقص عليها كل الأمر
فهي خجلة جدا من والدها أن يعرف ماصدر منها وخاصة أنه كان يحب باهر حبا جما
وبالفعل أخبرت والدتها